الطعن في القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء الجزائري

Abstract

لقد عمل المشرع الجزائري على ضمان استقلالية السلطة القضائية والقضاة، وذلك عن طريق إنشاء سلطة إدارية قضائية متخصصة متمثل في المجلس الأعلى للقضاء، ضمن مختلف الدساتير والقوانين الأساسية للقضاء والقوانين المتعلقة بتنظيم سير وعمل المجلس الأعلى للقضاء الجزائري وعلى اعتبار أن هذا المجلس هيئة يقع على عاتقها تسيير وإدارة المسار المهني للقضاة من لحظة تعيينهم إلى غاية إنهاء مهامهم سواء بالطرق العادية أو التأديبية، هذه الصلاحيات تترجم في شكل قرارات يصدرها المجلس الأعلى للقضاء بموجب تشكيلته المنعقدة سواء العادية أو التأديبية. حيث ضبط المشرع الجزائري هذه القرارات بمجموعة من الإجراءات إلا أنه لم يشر إلى إمكانية خضوع هذه القرارات في مجملها للطعن القضائي من عدمه، كما أنه أقر إمكانية رفع تظلم في بعض القرارات الصادرة عن التشكيلة العادية للمجلس، مثل قرار الترقية وقرار النقل، إلا أنه كان من الأجدر بالمشرع التطرق لهذه المسألة، وإبرازه للإجراءات المتبعة في ذلك حتى لا تضيع حقوق القضاة. حيث أن إغفال المشرع لإمكانية الطعن ضد القرارات الصادرة في حق القضاة لا يعني أن هذه القرارات لا تقبل الطعن القضائي أمام مجلس الدولة. أما عن ممارسة المجلس لصلاحياته باعتباره هيئة تأديبية، والمتمثلة في رقابة انضباط القضاة، حيث ينجر عن هذه الرقابة في حالة إثبات ارتكاب القاضي لخطأ مهني قرارات تتضمن عقوبات محددة قانونا حسب درجة وجسامة الخطأ المرتكب. هذه القرارات قابلة للطعن القضائي أمام مجلس الدولة الذي كان متذبذبا بخصوص هذه المسألة وذلك نظرا للاجتهادات التي قدمها قبل وبعد سنة 2005، إذ تميز اجتهاد مجلس الدولة قبل سنة 2005، بإقراره أن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء باعتباره هيئة تأديبية هي قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية مركزية، وبالتالي فهي قابلة للطعن فيها بالإبطال أما اجتهاده في سنة 2005 فقد أكد أن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء باعتباره مجلس تأديبي، هي قرارات قضائية صادرة عن جهة قضائية متخصصة، تصدر أحكام وقرارات ابتدائية نهائية لا تقبل الطعن إلا بالنقض أمام مجلس الدولة.