حدود السلطة التقديرية للإدارة في العقود الإدارية

Abstract

من المعلوم أن العقد الإداري يمر بمرحلتين أساسيتين هما مرحلة إبرام العقد ومرحلة تنفيذه، وتختلف ممارسة السلطة التقديرية للإدارة ضيقا واتساعا تبعا لهاتين المرحلتين. ففي مرحلة إبرام العقد الإداري تتمتع الإدارة بهامش ضيق من السلطة التقديرية وتمارس اختصاصاتها بصورة محددة وبطريقة مرسومة سلفا في ظلّ الأطر الإجرائية المنصوص عليها قانونا، وذلك بهدف حماية المال العام وصونه وتحقيق المصلحة العامة، ويشترط القانون عادة على الإدارة المتعاقدة القيام بالإعداد الاقتصادي والمالي للعقد، والحصول على الموافقات المسبقة من الجهات المختصة، ومراعاة مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية، والالتزام بتكريس الشفافية في الإجراءات والمساواة في معاملة المرشحين للتعاقد. وتتسع ممارسة السلطة التقديرية للإدارة في مرحلة تنفيذ العقد، نظرا لما تملكه من امتيازات السلطة العامة والتنفيذ المباشر، باعتبارها توجد في مركز يسمو على مركز المتعاقد معها، وتتجلى هذه السلطة خاصة من خلال الرقابة على تنفيذ المتعاقد لالتزاماته التعاقدية، وتوقيع الجزاءات التعاقدية المختلفة ضده في حالة إخلاله بالتزاماته، وتعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة كلما اقتضت ظروف المرفق العام ذلك، كما تملك أيضا إنهاء العقد بإرادتها المنفردة، في حالة الخطأ الجسيم من طرف المتعاقد الذي ألحق أضرار بها، كما تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في إنهاء العقد حتى دون خطأ من المتعاقد وإنما لدواعي المصلحة العامة، متى ارتأت أن تنفيذه أصبح غير مفيد أو غير متوافق مع احتياجات المرفق العام، غير أن ممارسة الإدارة لهذه الامتيازات مقيد بالمحافظة على سير المرفق العام بانتظام واطراد وفقا لما يحقق المصلحة العامة، مع حفظ حقوق المتعاقد وإلاّ كان تصرفها مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة.