الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي ( دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون )

Abstract

Abstract إن التداعيات الخطيرة التي عرفتها بعض البلدان العربية على مستوى أمنها الداخلي، جراء ما تشهده من حالات احتدام الصراع بين أبناء الوطن الواحد وحكامه، والتي أسفر عنه انعدام الأمن الاجتماعي والسياسي معاً. وتسبب في سقوط وانهيار الدولة بمكوناتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مما يعيق تطورها ويجعلها تغرق في فتنٍ وابتلاءات عمياء يصعب الخروج منها. لأجل ذلك تحرص القوانين الوضعية، على تجريم مختلف صور الجرائم المخلة بأمن الدولة الداخلي. لأنه حين يفقد الأمن تصبح العصابات المسلحة إرهاباً، تسعى إلى القضاء على المجتمع القائم بنظمه ورموزه السياسية، عبر إثارة القلاقل والاضطرابات، حتى تتمكن من تحقيق مآرب سياسية بطرق غير شرعية. ولأن سلامة أفراد المجتمع مرتبطة بسلامة وهيبة الدولة. فإن الشريعة الإسلامية أيضاً تحرص على ضمان أمن واستقرار المجتمع، بإدخالها "الحرابة" دائرة التجريم، واعتبرتها من كبريات الجرائم وأعظمها، حيث جعل لله عز وجل المتورطين في الإخلال بأمن الناس، محاربين له ولرسوله الكريم، وغلظ عقوبتهم تغليظا لم يجعله لجريمة أخرى. كما أن القوانين الوضعية أولت وبدرجة ملحوظة حماية فعالة لنظام الحكم القائم في الدولة، عبر مواجهة كل ما من شأنه المساس به أو الاعتداء عليه، وتوسم هذه الجرائم بالجرائم الماسة بالأمن السياسي، والتي تَعْرِفُ مرادفاً لها في الشريعة الإسلامية بـ:"البغي السياسي". وهي من أعظم المفاسد إذ فيها ذهاب بأمن المجتمع ودمار لكيان الدولة وبناءها الداخلي. إن النصوص القانونية ولا النواهي الشرعية لوحدها قد تعجز على مكافحة مختلف الجرائم التي تمس امن الدولة الداخلي، لان الجماعات المناوئة للنظام عادة ما تتخذ من الإسلام مبررا لها لتحقيق مكاسب ومآرب السياسية. لذلك فان مكافحة الإرهاب السياسي اليوم لم يعد مسألة قانونية فحسب، بل أصبح مسألة فكرية أيضاً، عبر دحض ورد شبهة الجماعات والتنظيمات الإرهابية، عبر إبطال افتراءاتها وادعاءاتها ودفعها بالحجة والدليل.