مواقف الحكومات الاوروبية من الثورة الجزائرية 1954-1962

Abstract

تميزت مواقف الحكومات الأوروبية من الثورة التحريرية 1954-1962 بالتباينعبر مراحلها المختلفة. عند إندلاع الثورة التحريرية في أول نوفمبر 1954 كانت مواقف الحكومات الأوروبية في معظمها تتسم بالإنحياز إلى فرنساكبريطانيا، تركيا وإيطاليا، إيمانا منها بأن ما يحدث في الجزائر شأن فرنسي داخلي، بناءً على ما كانت تروج له وسائل الدعاية الفرنسية، فيما كانت مواقف باقي الحكومات الأوروبية الأخرى تتسم بالتحفظ أو الحياد كالدانمارك، سويسرا والنمسا.ما دفع جبهة التحرير الوطني إلى تكثيف عملها العسكري والدبلوماسي على المستويين الداخلي والخارجي، لإنهاك قوات العدو وتكذيب إدعاءاته من جهة، ومن جهة أخرى لإقناع العالم عموماً وأوروبا خصوصاً بأن ما يحدث في الجزائر هو عمل تحرري. تمكنت جبهة التحرير الوطني بفضل مختلف آليات العمل الديبلوماسي التي إتبعتها أثناء الثورة التحريرية، من حشد مواقف حكومات أوروبا الشرقية لدعم القضية الجزائرية ديبلوماسيا في خريف 1955، ثم تطور إلى دعم عسكري فسياسي إلى غاية الإستقلال على غرار ما قامت به حكومات تشيكوسلوفاكيا، المجر وبلغاريا. ما حفز جبهة التحرير الوطني على توسيع دبلوماسيتها إلى دول أوروبا الإسكندنافية في 1957 أين تمكنت من إستمالة موقفي كل من حكومة السويد وحكومة النرويج لصالح القضية الجزائرية فيما أخفقت في كل من الدنمارك،فنلنداوإيسلندا، هذه الأخيرة بقيت محايدة إلى غاية الإستقلال، ولم ينقص هذا الإخفاق من عزيمة جبهة التحرير الوطني التي راحت تكثف عملها الدبلوماسي في دول المعسكر الغربي في 1958 ، فتمكنت الجبهة من إقناع الرأي العام في أوروبا الغربية بعدالة القضية الجزائرية فأصبح يشكل ضغطاً على حكومات بلدان هذا المعسكر ما أجبرها على تأييد القضية الجزائرية ولو ضمنياً على غرار ما حصل في كل من هولندا، بلجيكا وألمانيا الفدرالية، فسمحت بذلك لمختلف التنظيمات الطلابية والنقابية والجمعيات والأحزاب بممارسة مختلف الأنشطة التي تدعم القضية الجزائرية، وكان ذلك في 1960 وأستمر هذا الموقف إلى غاية الإستقلال.وهو ما يؤكد النجاح الباهر لديبلوماسية جبهة التحرير الوطني أثناء الثورة التحريرية 1954-1962، التي فرضت منطق عدالة القضية الجزائرية على الحكومات الأوروبية بمختلف أيديولوجياتها.