تطوّر المسكن الواحاتي - منزل سي الحواس نموذجا - دراسة تاريخية أثريّة

Abstract

إن جلّ الدّراسات التي تناولت الصّحراء بشكل عام والواحات بشكل خاص إلا و تطرّقت إلى الدّور الفعّال الذي لعبه العرب المسلمين في كشف وتطوير مثل هذه المناطق ( الشّام والعراق ومصر والمغرب ) ، و هذا مرجعه إلى أن العرب المسلمين سكان بادية و يعرفون أمورها و أهوالها ، ولما قابلتهم بادية أخرى أثناء الفتوحات التي قاموا بها لم يقلو ما يخشونه فيها ، و وجدوا قبائل توافقوا معها من حيث العادات والتّقاليد و كان ذلك عاملا لصالحهم . تعتبر الواحات الفضاء المعيشي الوحيد في الصّحراء ، وعند ما يتمّ ذكر واحة يتبادر إلى الذّهن مباشرة خضرة و ماء في وسط طبيعي قاحل ، وعلى هذا فأنه لا تكون هناك دراسة على العمارة في الصّحراء دون ذكر وجه الارتباط الحقيقي بينها وبين الزّراعة و باتت العمارة الصحراوية ترتبط ارتباط وثيقا بالزّراعة التي هي مورد الحياة . و قد ورد هذا الأمر في العديد من المصادر و المراجع الإسلامية . إضافة إلى ذلك فان هذه المستوطنات الواحتية عملت في الغالب على حماية نفسها بنفسها وهذا ملاحظ عبر العديد من القرون و على مختلف الأمارات فكانت دائما هذه الأماكن البعيدة رغم تبعيتها لحاضرة دولة ما إلا أنها دائما كانت مستقلة في تسيير شؤونها و ربما يرجع ذلك إلى بعدها عن مراكز السّلطة والحكم و عليه فقد عمل سكان هذه المناطق بإنشاء تحصينات دفاعية تقيهم شرّ الطّارقين كما زودت نفسها بنظام داخلي يعمل على تنظيم الحياة اليومية بها ، و بذلك باتت تشكل دولة ظمن نطاق مساحتها . هذا من جهة ، و من جهة أخرى العمارة الصّحراوية تتميّز بخاصيتين ، أولاهما القصور و هي عبارة عن تجمعات سكنية مكتظة محمية بموجب سور محيط تقطنها قبيلة أو أكثر . وثانيا طرازها المعماري والهندسي الذي يتميّز بالبساطة و بمواد بنائه التي لا تتعدى ما توفره الواحة من مواد طبيعية حجارة وترابا وخشبا . و رغم هذه البساطة في المواد و التّقنيات إلا أنهم تمكنوا من الإبداع في هذا المجال