آليات إدارة التعددية الإثنية ودورها في بناء الدولة -دراسة في النموذج الماليزي

Abstract

تعد ظاهرة التعدد الإثني واحدة من أبرز الظواهر التي شهدتها المجتمعات الإنسانية عبر العصور، وازدادت أهميتها خصوصا بعد بروزها على مسرح الأحداث الدولية خلال الثلث الأخير من القرن العشرين، بحكم التحديات والإخطار التي اصبحت تفرضها على مختلف الدول، وهذا ما يتطلب إختيار الآليات ورسم الإستراتيجيات المناسبة لإدارتها بدقة ، من أجل تحقيق التكامل المجتمعي الذي يساهم في تحقيق الإستقرار السياسي ويساعد في نجاح بناء الدولة و تفادي الدخول في معضلة أمنية قد لا تنتهي. مع بداية فترة السبعينيات من القرن الماضي وفي أعقاب الأحداث العرقية التي نشبـــت بين السكـــان الأصلييــــن المالاي الذين كانوا يعيشـــون التهميش والفقــــر، والوافدين من الأصـــــل الصيني المسيطرييــــن على مختلف فــــروع الإقتصــــاد، تمكنت ماليزيا من إيجاد نمــــوذج توافقي بين مختلف الإثنيات المكونة لها، في إطار إتحاد فيدرالي و قوانين صارمة للضبط و التنظيم مما مكنها من تحقيق إستقرار سياسي وإجتماعي ساهم في تحقيق نموذج تنموي ناجح إنعكس بالإيجاب على عملية بناء الدولة . قد لا يكون النموذج الماليزي لإدارة التعــــدد الإثني مثاليـــــا، بسبـــــب القصور الذي يميــــزه على مستوى الممارسة والتحول الديمقراطي٬ إلا أن تحقيقه لدرجات عالية من التقدم الإقتصادي والإستقرار السياسي والإجتماعي غطت على جوانب القصور تلك. حيث صرح أبو الإزدهار الماليـــزي، رئيـــس الـــوزراء السابـــق الدكتـــور " مهاتيـر محمـد " في هذا الصــــدد، "بأنهــم ركــــزوا في ماليزيا على أولوية تحقيق الإستقرار السياسي والتنموي على حساب بعض الممارسات الديمقراطية الغربية" .