المنطق القضائي و دوره في ضمان سلامة الحكم الجزائي

Abstract

المنطق القضائي ودوره في ضمان سلامة الحكم الجزائي إن موضوع الدراسة ينصب أساسا حول العملية القضائية التي يقوم بها القاضي الجزائي في سبيل الوصول إلى حكم جزائي متوافق مع مقتضيات العقل والمنطق السليم. أولى حلقات هذه العملية هو استماع القاضي لطرفي الخصومة، وورود العديد من الوقائع (أدلة إثبات ونفي)، وله كدور إيجابي التحقيق بنفسه للوقوف على ما يراه مناسبا في الكشف عن الحقيقة. ولعل أخطر حلقات العملية القضائية وأهمها: المطابقة بين الواقعة الواردة لديه مع القاعدة القانونية النموذجية المنصوص عليها في القانون، والتي على أساسها يقوم القاضي الجزائي بعملية المطابقة المادية المنطقية لاستخلاص النتائج القانونية. ونظرا لاختلاف قدرات القضاة وتغاير اجتهاداتهم ونظرتهم للأدلة القائمة في الدعوى وتقديرهم لها، فإن استعمال هذه القدرات يتطلب جهدا فكريا ونشاطا ذهنيا مضنيا يستخدم فيه القاضي سلطته التقديرية في تكوين اقتناعه. هذا النشاط الذهني هو ما يطلق عليه المنطق القضائي. هذا ما جعل الفكر الجنائي الحديث ومعه المحكمة العليا ( محكمة النقض ) تؤسس عمل القاضي الجزائي على مبادئ الاستدلال المنطقي، حيث يلعب فيه المنطق القضائي الدور الرئيسي والفعال في ضمان سلامة الحكم الجزائي من خلال وضع قناعة القاضي المتمثلة في سلطته التقديرية في المسار الصحيح لها، وسد كل أوجه سيطرة القضاة حتى لا تصبح وظيفة القضاء ضربا من ضروب التحكم القضائي. وعليه فإن المنطق القضائي من خلال قواعده و أدواته (الاستقراء، الاستنباط، الاستنتاج) له دور في تسطير هذه القناعة من خلال رقابة المحكمة العليا لأسباب الحكم مما يتيح لها مد هذه الرقابة على الأسباب الواقعية حتى تكون رقابة فعالة ومؤدية لوظيفتها الأساسية و المتمثلة في رقابة الشرعية وضمان حسن تطبيق القانون. لنصل إلى نتيجة هامة متمثلة في وصول القاضي الجزائي لحكم جزائي يجمع بين الواقع والقانون خال من العيوب يقنع الخصوم أولا، و الرأي العام ثانيا، ما دام مبني على أساس عقلي ومنطقي.